البحث
  كل الكلمات
  العبارة كما هي
مجال البحث
بحث في القصائد
بحث في شروح الأبيات
بحث في الشعراء
القصائد
قائمة القصائد
مناسبة القصيدة : ما لي غدوت كقاف رؤبة قيدت


اللزومية الرابعة عشرة حسب شروح لزوم ما لا يلزم : (بحر الكامل) عدد الأبيات (17) جور الحكام: (1) الهمزة المضمومة مع الراء والكامل الأول: (2) وهي القطعة الرابعة عشرة حسب ما أورده الدكتور طه حسين في كتابه "صوت أبي العلاء" ص39 وهو كتاب يتضمن شرح خمسين لزومية، نشرت لأول مرة عام ١٩٤٤ : منها ٣٦ لزومية مما قافيته همزة وألف، والباقي من قافية الباء وكل ذلك أدرج ضمن نشرته لشرح اللزوميات لاحقا عام ١٩٥٥م، قال في شرحه للزومية : أفٍّ لهذه الحياة، وأُفٍّ لهذا العالم! لقد احتبساني فيهما أسيراً، وارتهناني عندهما بحيث لا أُؤمل من أسرهما فكاكاً ولا أرجو من سجنهما انطلاقاً. فكأنِّي وقد وقفت على حال سيئة من الحياة ليس لي عنها مَزْحَلٌ ولا مندوحة، قافُ رُؤبة أرسلها ساكنة ليس لها إلى الحركة سبيل، ونطق بها مقيَّدة ليس لها من الإطلاق حظّ. أُفٍّ لهذه الحياة، وأُفٍّ لهذا العالم! لقد أنهلاني الهموم، وعَلَّاني الخطوب، وأصاباني من أحداثهما بعلل ليس لها شفاء، وأدواء ليس لها دواء؛ فكأنما أصابتني منهما تلك العلة الباقية القديمة التي تصيب الأفعال الجُوف وتَرُدُّ وَاوَها وياءها ألفاً يُعْيي الأطِبّاء شفاؤها، ويُعْجِزُ الحكماء الطب لها. إيه أيها الجسم الذي فترت أوصاله، وانحلّت قواه، وطال عليه الأمد. لقد أنَى لك أن تستبد بك الصحراء ويتضمنك التراب. أجلْ: لقد فترت أوصالك، وارتخت مفاصلك. وما ذاك من شرب المدام ولا حب النِّدام، وإنما هي الخطوب المُسْرِية والهموم المدلجة، ألحت عليك فبدّلتك من القوة ضعفاً، ومن النشاط فتوراً. لقد طال بي المقام حتى مَلِلته، وطالت عليَّ الحياة حتى سئمتها. فكم أنا مُعَنًّى بعشرة أمة قد حكمتها الذلة، وسيطر عليها الظلم، واستبد بحقوقها الأمراء، يظلمونها أشد الظلم، ويعسفونها أقبح العسف، ويكيدون لها شرّ الكيد، ويَعدُون مصالحها، ويتجاوزون منافعها، وإنما هم لها أُجراء، وعنها وكلاء. أمة قد طالت صحبتي لها واختباري إياها؛ فما دلَّتني التجربة ولا أرشدني الاختبار إلا إلى براءتها من الخير وإقفارها من المعروف، وإلا إلى أنَّ أشدَّها بالشر اتصالاً وأكثرها فيه إغراقاً هم الشعراء الذين قد كانت تُعقد بهم آمال الإصلاح، ويُناط بهم رجاء الخير. أمة ما أكثر قَوْلَها وأقلَّ عملها! ما أكثر روايتها لأخبار الجود وأحاديث الأجواد! وما أشد بخلَها بالمال وضنّها بالثراء! كأن ما ترويه من حمد الكرم، وما تَأثِره من مدح الجود، يُغْريها بالبخل والكزازة، ويرغِّبها في الضن والدناءة. أمة جنتْ من ثمار الحياة ما لم تكن له أهلاً، ولقيت من نعيمها ما لم تكن به خليقة، فأبطرتها النعمة، وأفسدها الغنى. ولم أر شرّاً من نفس الإنسان؛ إذا تجاوزت قدرها جناح بعوضة، ساءت حالها، وفسدت طبيعتها، كأنها القصيدة من الشعر يزينها الوزن الصحيح المستقيم، فإذا زيد فيها حرف ظهر للسامع نُكرها، وبان للسمع اختلالها. أمة أطغتها الثروة، وأطمعتها الحياة، فتزيدت منهما، وتلذذت بهما، كأنها النائم يلذ له النوم فيستزيده، غافلاً عن أنَّ زيادته إنما هي تقصير من أَجَلِه، واستعجال لموته. سبحانك اللهم! لقد جلّ شأنك، وخفيت حكمتك على العقول. بسطتَ الغبراء، ورفعت فوقها الخضراء، وأجريت بينهما عالَماً ما أعرف للخير فيه موضعاً، عالَمٌ عاقل ولكنه شرير، هل تعرف رذائله الحيوانات العُجْم؟ وهل تُشاركه فيها المخلوقات البُلْه؟ هل تحسد الجياد السود القاتمة أخواتها الغُرَّ الواضحة؟ كلَّا، ما أرى للحسد فيها أثراً، وإنما هو طبيعة الإنسان قد أفسده الطمع والشره، وغيره البخل والحرص. أُفٍّ لك أيتها الدنيا المتقلبة، ما أرى أنك تثبتين على حال، وما أُشبهك إلا بالحسناء الناعمة، ذات الدلال والغنج، وذات الجمال والبهجة، وذات المنظر الساحر واللفظ الخادع واللحظات المطمعة، ثم هي مع هذا كله طامث، قد لزمها الطمث، وحجبها الحيض، فما تستقيم أقراؤها لطالبها، وما تنتظم أطهارها لمحبها، على أنه بها كَلِفٌ مُعَنيٌّ، وعليها حريص معذَّب. لقد هويك الناس فذكَّيت أهواءهم بالمنى، ونميتها بالآمال، حتى إذا جاء وقت الإثابة واقتضاء اللذات، أوقعتهم في اليأس المهلك والقنوط المميت. لقد شقي بك الأغنياء الذين هم أشد عليك حرصاً وأكثر فيك رغبةً، واستراح منك الفقراء الذين هم أبعد منك مكانًا، وأقل بك اتصالاً! لقد أفسدت عقولاً كانت خليقة أن تصلح، وعوَّجت طرقاً كانت جديرة أن تستقيم. أولئك الفقهاء لا يتجادلون إلا فيك، وأولئك القراء لا يتقرّءون إلا لك؛ فأما فقه الدين واستظهار الكتاب، فشيء لا يحفلون به ولا يلتفتون إليه! لقد أضللت العقول وأفسدت الطبائع حتى لم يبق للنصح إليها طريق وكأنما النصح بالانصراف عنك إغراء بشدة الحرص عليك. ** أما عن شهرة أبيات هذه اللزومية فلم نقف على ذكر لبيت من أبياتها فيما رجعنا إليه من المصادر فيما عدا البيتين (7،8) أوردهما أبو المعالي الحظيري صاحب "زينة الدهر" في كتابه "لمح الملح" مج 1ص211، و البيت السادس بكتاب صهاريج اللؤلؤ للبكري المعاصر، والبيتين (5،6) بكتاب مختارات المنفلوطي مج1ص214 بعنوان كلمات في الحكمة "الملك أجير الرعية"، وبتفسير المنار ج5ص 216. (1)حرف الهمزة_ الهمزة المضمومة مع الراء والكامل الأول : ص 48شرح نَديم عَدِي_ ج1/دار طلاس للدراسات/ط2. (2)فصل الهمزة_ الهمزة المضمومة مع الراء والكامل الأول-أي ذو العروض التامة، وضربها مثلها- ص 105تأليف الدكتور طه حسين، إبراهيم الأبياري ج1/دار المعارف بمصر.


الى صفحة القصيدة »»